باحثة ايطالية في إنفلونزا الطيور تؤكد لإيلاف: الانفلونزا المكسيكيّة يتفاقم خطرها لدى الأفقر والأضعف

باحثة ايطالية في إنفلونزا الطيور تؤكد لإيلاف:
الانفلونزا المكسيكيّة يتفاقم خطرها لدى الأفقر والأضعف


طلال سلامة من روما: على غرار ما حصل مع مرض جنون البقر وأنفلونزا الطيور، برزت الأنفلونزا المكسيكيّة فجأة كي تقتحم حياتنا اليومية من أبوابها العريضة لتجعلنا شبه مهووسين حيال أي حركة غير اعتيادية يقوم بها الآخرون. مما لا شك فيه أن هذا الهوس سيؤثر كذلك على المحرك السياحي الإيطالي. فماء البحر وسيلة جيدة لقذف سوائل الجسم البيولوجية، ومنها اللعاب، بين مصطاف وآخر مما ينذر بكارثة سياحية سببها هذا الفيروس. يكفي ان ننظر الى أيام تفشيه الأولى التي حصدت معها أكثر من مئة قتيل بالمكسيك. ثمة تساؤلات كثيرة حول إمكان تفشي الانفلونزا المكسيكيّة في أوروبا، لا سيما في إيطاليا. في هذا السياق، أجرت ايلاف حوارًا خاصًا مع الباحثة الإيطالية ايلاريا كابوا (Ilaria Capua) وهي الأولى عالمياً التي نجحت في اكتشاف تسلسل جينوم أنفلونزا الطيور. وفي ما يلي نص الحوار معها :

* هل ستقتحم الانفلونزا المكسيكية ايطاليا؟
- على المواطنين الأوروبيين ألا يقلقوا من أي شيء. صحيح أن حالات من هذه الإنفلونزا وصلت الى أوروبا ومن ضمنها ايطاليا. لكنها لن تقتل الملايين هنا. ان هذا الفيروس الجديد يختلف تماماً عن الحمى الإسبانية التي أودت بحياة الملايين. إذ نحن أمام فيروس أنفلونزا أشرس قليلاً من الأنفلونزا الموسمية العادية. وهو يشابه فيروس آخر استهدف أوروبا في عامي 1957 و1968.

* ان طمأنة الجميع حول قوى الفيروس الجديد المحدودة إيجابي. لكن لماذا حصد هذا الفيروس بالمكسيك أكثر من مئة قتيل خلال أيام معدودة؟
- ان عاصمة المكسيك تحتضن ملايين السكان. والعديد منهم يعيش تحت أوضاع صحية "تعيسة" للغاية ولا يستطيع الحصول على الرعاية الصحية اللازمة. على الأرجح، فان خطورة العوارض المشتقة من الإصابة بهذا الفيروس لم تؤخذ على محمل الجدية ولم تشهد تدخلاً من قبل الأطباء والمختصين في الوقت المواتي. أما في الولايات المتحدة الأميركية، أين يتم معالجة المصابين على نحو صحيح ومتكامل، فان من دخل المستشفى، للتشخيص والمعالجة والمراقبة، خرج منها سليماً بعد يومين فقط.

* إذن، فإننا نستطيع القول نسب الوفيات العالية نسبياً تعلقت بعلاجات غير فورية أم غير فاعلة؟
- ان عدد الوفيات الرسمي للآن، من جراء الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير، لا يتعدى عشرة أشخاص. علينا أن نتوقف للقول ان العديد ممن أصيبوا بهذا الفيروس لم يتوجهوا الى مراكز العلاج، لليوم! لحسن الحظ، فان هذا الفيروس ليس مشتقاً من أنفلونزا الطيور وإلا لكنا سجلنا خمسة آلاف قتيل على الأقل، حول العالم!

* عندما أصيب العالم بفيروس أنفلونزا الطيور فان موجة الذعر كانت عظيمة بدورها
- نعم. علينا ألا ننسى أن الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور كانت أعظم. كما وصل عدد الوفيات منها الى 50 في المئة من المصابين بفيروس أنفلونزا الطيور.

* هل علينا أن نقلق من تحول أنفلونزا المكسيك الى وباء؟
- أنا لا أستبعد تحولها الى وباء عالمي. لكن ذلك يعني أن الفيروس سيقوم برحلة حول العالم. صحيح أن عدواه ستتفشى لكن ذلك لا صلة له بأي عدوانية فيروسية خارجة عن السيطرة والمعالجة. بالطبع، فان الضعفاء صحياً أم المصابين بأمراض مهمة، كما أمراض القلب، هم عرضة أكثر لتطوير شكل شرس من هذا الفيروس في أجسامهم.

* قام فيروس أنفلونزا المكسيك بخطوة نوعية لا مثيل لها. إذ انه نجح في الانتقال من الخنزير الى الإنسان. هل هذا يجعله أكثر خطورة؟
- ان انتقاله الى الإنسان يعني أنه سينجح في إصابة العديد من البشر. فمحرك العدوى الرئيسي يرتكز على البشر وليس على الخنزير. مما لا شك فيه أن الفيروس انتقل من الخنازير الى مجموعة من المزارعين بطريقة ما، في مزارع تربيتها. لكن كل مزارع قام بصورة غير طوعية بنقل هذه العدوى الى جميع أعضاء أسرته. وهكذا دواليك. هكذا، خرجت العدوى من منزلها الأصلي(المزارع) لتنتقل الى الأماكن العامة وغيرها.

* هل يمكننا التنبؤ بسلوكيات فيروس أنفلونزا المكسيك المقبلة؟
- ان سلوكياته لن تختلف عن سلوكيات أي فيروس أنفلونزا آخر، عادي. بإيطاليا وحدها، فان الأنفلونزا الموسمية تحصد خمسة آلاف قتيل تقريباً، كل سنة! بما أن نظام المناعة المكتسبة بالجسم لم يصادف بعد هذا الضيف الجديد، أي فيروس أنفلونزا الخنازير، فان انتشار الوباء حول العالم قد يكون سريعاً. إنما ذلك لا يعني بالضرورة أنه سيكون أكثر شراسة من بقية الفيروسات المعروفة لنا جيداً.

* هل ستكون الأدوية المضادة للفيروسات متوافرة بالكميات الضرورية؟
- هناك أدوية جرى استعمالها لفيروس أنفلونزا الطيور. وهي فعالة. لدى الحاجة، فإننا لن نتأخر في استخدامها.

* هل من الممكن مواصلة أكل لحم الخنازير؟
- لا علاقة لأكل لحم الخنازير بتفشي هذا الفيروس. فالفيروس لا يأتي من اللحم. ان الانقطاع عن أكل لحوم الخنازير غير مبرر أبداً ويؤول الى إلحاق أضرار مادية جسيمة بصناعاتها الغذائية.