تصاعدت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين شريكي الحكم
في
السودان وتحميل كل طرف الآخر المسؤولية في عرقلة
التوصل لحلول بشأن القضايا الأساسية المتعثرة في
اتفاق السلام
الشامل، وذلك عقب مشاركة الجانبين في مؤتمر عقد بواشنطن لهذا الغرض أظهر فيه حزب
المؤتمر الوطني تفاؤلا بعكس الحركة الشعبية التي اتهمته بالمماطلة.
ولم تفلح الجهود الأميركية التي قادها مبعوث واشنطن
الخاص إلى الخرطوم
سكوت غريشن في إزالة
الخلافات بين شريكي الحكم، فما انفض مؤتمر واشنطن الذي كان يهدف لتقريب شقة الخلاف
بين الجانبين بشأن تنفيذ اتفاق السلام حتى عادت لغة الاتهامات للظهور.
وتتمثل الخلافات في قضايا ترسيم الحدود وقانون
الاستفتاء والتحول الديمقراطي بشأن نتيجة التعداد السكاني، حيث يبدو أن خلافات
شريكي الحكم تزداد تعقيدا كلما اقتربت
الفترة الانتقالية من نهايتها بالاستفتاء المقرر
في يناير/ كانون الثاني 2011 بشأن انفصال أو بقاء الجنوب ضمن السودان.
وقد اتهم المؤتمر الوطني
الحركة الشعبية بعكس صورة غير واقعية للسلام في
مؤتمر واشنطن. وقال مستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين للصحفيين عقب عودته من
واشنطن مساء السبت إن الحركة الشعبية طرحت "صورة متشائمة وسوداوية جدا لما يحدث في
السودان".
وأشار صلاح الدين إلى أن المناقشات أحرزت تقدما
واضحا، وأنها يمكن أن تحقق نتائج طيبة "إذا سادت روح التفاؤل من جانب الشريك الآخر
بدلا عن رسم صورة سوداوية".
وأوضح أنه لم يكن هناك وقت لمناقشة جميع القضايا
المعلقة، لكنه أشار إلى أنه ستكون هناك فرصة لتحقيق مزيد من التقدم في الاجتماع
الثاني بين الجانبين في الخرطوم في يوليو/ تموز المقبل.
إنقاذ الاتفاق
من
جانبها قالت الحركة الشعبية إن مؤتمر واشنطن لم يحقق تقدما ملموسا وحذرت من أنه لم
يعد هناك وقت طويل لإنقاذ اتفاق السلام.
واتهم ياسر عرمان المسؤول في الحركة الشعبية وفد
المؤتمر الوطني بالمماطلة في عدد من القضايا المهمة، بما في ذلك وضع الحدود
المشتركة والإعداد للانتخابات المقبلة المقررة في فبراير/ شباط 2010 والاستفتاء على
انفصال الجنوب.
وقال ياسر عرمان لوكالة رويترز "لا تزال القضايا
كما هي، لم يحدث تقدم بعد في حل القضايا، اكتشفنا من جديد أن حزب المؤتمر الوطني
ليس لديه إرادة سياسية لحل تلك القضايا والوقت ينفد".
وفي السياق قال المتحدث باسم الحركة ين ماثيو
لمراسل الجزيرة في الخرطوم الطاهر المرضي إن مؤتمر واشنطن يعد الفرصة الأخيرة
لتهيئة المناخ "للسودان الجديد".
وأشار إلى أن جوهر الاتفاقية هو التحول الديمقراطي،
وأوضح أن القوانين لم تتغير حتى الآن، وأن المؤتمر الوطني يماطل في قضايا طفيفة
جدا، وأعرب عن تشاؤمه بمستقبل تنفيذ اتفاقية السلام.
نزاع أبيي
وفي موضوع ذي
صلة من المقرر أن تصدر هيئة التحكيم الدائمة في لاهاي الشهر المقبل حكما بشأن حدود
منطقة أبيي المتنازع
عليها التي تضم حقولا نفطية وخط أنابيب نفط رئيسا.
وكانت المنطقة شهدت اشتباكات بين قوات الجانبين بعد
توقيع اتفاق السلام عام 2005، وفي هذا السياق قال ياسر عرمان إن كلا الجانبين كررا
تعهدا سابقا بالالتزام بقرار المحكمين الدوليين بشأن حدود منطقة أبيي.
تجدر الإشارة إلى أن الحرب الأهلية بين شمال و
جنوب السودان بين العامين 1983 و2005 خلفت مليون
قتيل وأربعة ملايين مشرد.